الكذب يدمر عقلك ..؟

قياسي

يشعر الكذاب بالراحة بعد كل كذبة يكذبها وترتسم على وجهه ابتسامة النصر معتقدا أنه استطاع خداع من حوله وحصل على مبتغاه، ولا يعلم أن كذبه يقضي على دماغه هو بالتدريج ناهيك عن الأضرار النفسية والاجتماعية التي قد يتعرض لها الكذاب نفسه.

من منا لم يقرأ أو يسمع قصة بينوكيو الدمية التي اشتهرت بطول أنفها نتيجة كذبها الدائم. ومن هنا أتى ما يسمى “تأثير بينوكيو”، وقد تدفعك هذه القصة لا إراديا لتفقد أنفك في المرآة أو لمسه في كل مرة تطلق كذبة معينة وتشعر بالسعادة، لأن أنفك لم يتأثر ولم يزدد طولا، إنما ستلاحظ أثناء تفوهك بالكذب ازدياد درجة حرارة منطقة ما حول الأنف مع العضلة الموجودة في زاوية العين الداخلية التي قد تفضح كذبك، وذلك حسب دراسة تجريبية أجرتها جامعة غرناطة بتقنية التصوير الحراري.
ولكنك لا تدري أن أثره تعدى أنفك ليصل إلى دماغك ويؤثر في قدراتك العقلية، وهذا ما أثبته العلم حيث تقول جينيفر فينديما الباحثة والمتخصصة في علم الأعصاب من جامعة ساوث كارولينا، إنه خلال الكذب تعمل منطقة قشرة الفص الجبهي في الدماغ بشكل أكبر من المعتاد، وهي الجزء المسؤول عن التخطيط وإيجاد الحلول للمشكلات وضبط النفس. وتعد بمنزلة قرص تخزين مؤقت للمعلومات.
فما العلاقة بين هذه المهام والكذب؟
لقد تبين أن دماغك يعمل على توظيفها في سبيل الاستمرار في الكذب دون فضح أمرك، فيساعدك على تذكر تفاصيل ما تتكلم به وجعله قابلا للتصديق وتتمكن من الرد على أي تساؤل متعلق به، هذا ما يجعل دماغك يستهلك طاقة أكبر من قوتك الذهنية، فيصبح دماغك أبطأ وأكثر عرضة للخطأ حينما ينتقل الإنسان بأقواله بين الكذب والحقيقة.
كما أكدت أبحاث جينيفر أن عبء عمل العقل يصبح أثقل أثناء الكذب، ما يسبب استهلاكا أكثر للقوة الذهنية وبالتالي عدم القدرة على أداء المهام العقلية الأخرى كحل مسألة رياضية مثلا. والكذب اليومي يعد استنزافا لطاقة الدماغ وإعاقة له عن التفكير، ويوما بعد يوم يزداد وضع الدماغ سوءا.
قد تكذب للتخلص من عقاب ما أو للحصول على فائدة معينة أو حماية لنفسك من خطر أو أذى يحدق بك لتنجو بنفسك أو لإضافة عنصر التشويق إلى حديثك أو تستخدمه كوسيلة للمجاملة والتهرب من قول الحقيقة، ولا يخطر في بالك أن كل هذه الأسباب مهما بلغت أهميتها لا توازي الضرر الذي يحدث لجسدك وعقلك ويتفاقم مع الأيام وما يصحبه من ألم نفسي وعواقب اجتماعية وخيمة .

دمتم بخير .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *