قصة قصيرة (أمومة) ..؟

قياسي

أضع رأسي المثقل بالهموم والذي ينأى لحمله عنقي على حجرها الصغير فتطير منه كل الهموم، هاربة مهزومة أمام روعة عاطفة الأمومة وأغمض عيني وأرتاح.

وأشعر بدبيب أناملها الصغيرة على وجهي، تضع أصابعها في عيني المغمضة، تحاول أن تعبث بأنفي، بشفتي المقفلتين فلا أمسك نفسي عن الضحك أغالبه فيغلبني، وتسكن عن الحركة لحظة اندهاشا وكأنها تفاجأت ثم تضحك لضحكي فيسيل اللعاب من فمها الصغير الضاحك والخالي من الأسنان، أرفع رأسي عن حجرها الصغير وأنا مغرقة في الضحك وأضمها إلى صدري ضما وأقبل وجهها البريء بغبطة وسعادة قصوى، تفتح فمها وتلعق بلسانها الصغير كل ما يصل فمها من تضاريس وجهي وكأنها تستجيب لقبلاتي الملتهبة بقبلات أحر وأحلى وأصدق.

عندها أشعر أنه لا يكفي لها التقبيل فأعضها لعلي أختزل بعضة ألف قبلة وأزيد في ضمها حتى أقسو بذلك على بدنها الغض وتصرخ طفلتي في حضني وكأنها أحست حرارة عاطفتي فخشيت لهيبها، أدهد دها صغيرتي وأضعها على ركبتي وأربت عليها بيسراي بينما تتحسس يمناي صدري.

وبفطرية ساذجة تفهم حركاتي فتسكت وتحرك يدها ورجليها الصغيرة بحركات متتالية سريعة تعبر عن فرحتها ولهفتها للرضاعة. تنظر إلي وكأنها ترجوني أن أسرع فابتسم لها بحنو.. وتشع نظراتها بالامتنان والسكينة.

تسري السكينة في أوصالي والطمأنينة في روحي وأنتشي وأغمض عيني وأفيق على يد زوجي تهمزني وصوته يناديني، فأنذعر وأنتفض فتسقط طفلتي من بين يدي ويرتطم رأسها على الأرض، أصرخ صرخا هستيريا: طفلتي حبيبتي بنيتي صغيرتي، سقطت.

أنا ممدة على أريكة في مستشفى الأعصاب، أعي أني كنت أهدهد دمية وأرضعها وتأتي من الماضي لتدق سطح الذاكرة كلمات طبيب النساء: «آسف سيدتي لصراحتي وإخبارك الحقيقة مجردة وبلا تشذيب ولكن من يدري لعله يأتي اليوم الذي لا يقف الطب فيه عاجزا أمام العقم».

منقول

دمتم بخير .