حذاء الفقير و مزحة الغني ..؟

قياسي

يحكى أن شيخاً عالماً كان يتجول مع أحد تلاميذته بين الحقول
وأثناء سيرهما شاهدا حذاءً قديماً اعتقدا أنه لرجل فقير يعمل في أحد الحقول القريبـة و سيعود إليه بعد الانتهاء من العمل .

التفت الطالب إلى شيخه وقال : ما رأيك لو نمازح هذا العامل بأن نخبئ حذاءه ونتوارى وراء الشجيرات لنراقب حالته وحيرته حين لا يجده في مكانه الذي تركه فيه !

فأجابه العالم الجليل :

“يابُني لا يجب أن نسلي أنفسنا على حساب الفقراء و ذوي الحاجة وبما أنك غنيّ تستطيع أن تجلب لنفسك مزيداً من السعادة بإسعاد هذا الفقير .

ماذا لو وضعت بعض القطع النقدية بداخل حذائه ونختبئ كي نشاهد مدى تأثير ذلك عليه”  .

أعجب الطالب بالاقتراح وقام بوضع قطع نقدية في حذاء ذلك العامل ثم اختبأ هو وشيخه خلف الشجيرات .وانتظرا عودة العامل الفقير .

وما هي إلا دقائق معدودة حتى أقبل رجل رث الثياب شاحب الوجه يبدو عليه العياء والفاقة بعد أن أنهى عمله ليأخذ حذاءه وإذا به يتفاجأ عند وضع رجله داخل الحذاء بأن هنالك شيئاً غريباً بداخله وعندما افتحصه وجده نقوداً و حدث نفس الشيء عند انتعال الحداء الثاني! فأخذته الدهشة و الارتباك و بدأ يتحسس النقود كأنه لا يصدق ما يرى .

ثم نظر في كل الاتجاهات فلم يجد أثراً لأحد فوضع النقود في جيبه وخر على ركبتيه ونظر إلى السماء باكياً و أخذ يصيح بأعلى صوته : “أشكرك يا رب يا من علمت أن زوجتي مريضة وأولادي جياع لا يجدون الخبز ؛ فأنقذتني وأولادي من الهلاك”
و تحشرجت حنجرته بالبكاء طويلاً و هو ينظر إلى إلى السماء شاكراً هذه المنحة الربانية الكريمة .
تأثر الطالب كثيراً وامتلأت عيناه بالدموع ،،
عندها قال الشيخ الجليل :
“ألست الآن أكثر سعادةً مما لو فعلت اقتراحك الأول وخبأت الحذاء ؟
أجاب التلميذ :
“لقد تعلمت درساً لن أنساه ما حييت .

الآن فهمت معنى كلمات لم أكن أفهمها في حياتي :

“عندما تعطي ستكون أكثر سروراً من أن تأخذ” .

فقال له شيخه :

والتعلم الآن أن العطاء أنـواع :
– العفو عند المقـدرة عطـاء .
– الدعاء لأخيك بظهر الغيب عطـاء .
– التماس العذر له وصرف ظن السوء به عطـاء .
– الكف عن عرض أخيك في غيبته عطاءً ..

فهذه بعض العطاءات حتى لا يتفرد أهل الدثور (الأموال) بالعطاءات وحدهم .

دمتم بخير .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *