قال السعدي رحمه الله
صلة الرحم المقصودة بالشرع في الرخاء والشدة ماعدا ذلك نقص في الإيمان .
بدأت الحياة البشرية في أول عهدها من علاقة فطرية بين زوجين فتكونت أسرة اللبنة الأولى التي يقوم عليها المجتمع ومن خلال الأسرة تكونت مجموعة أسر مترابطة بعضها ببعض فتكون المجتمعات لتعمير الأرض والاستخلاف فيها فبقدر قوة التماسك الأسري تقاس قوة المجتمعات إذا تماثلوا بالفضائل الحسنة والمودة والرحمة .
ويعرف العارفون أن العرب في عصر الجاهلية يمتاز الناس ببعض الأخلاق الحميدة ومنها :
صلة الرحم : وهي من مكارم أخلاقهم وقد تمثلت في شخص نبي الأمة عليه الصلاة والسلام حتى قبل البعثة .
كما يتضح ذلك من قول أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها حينما نزل عليه الوحي أول مرة : كلا والله لا يخزيك أبدآ إنك لتصل الرحم لقد عرف عن النبي عليه الصلاة والسلام بصلته الحميمة مع أقاربه بالرحمة والإحسان إليهم فجاء الإسلام ليتمم مكارم الأخلاق .
ولذلك أهتم الإسلام بالأسرة ووضع ضوابط لترسيخ العلاقة بين أفراد الأسرة ومن أهم ضوابط سلوك الرعاية الأسرية حسب التالي :
1_عدم التفرقة بين الأبناء في العطاء المادي والاهتمام المعنوي.
2_كراهية تعويد الأبناء على عادات سيئة مثل الغيبة والنميمة والتنابز بالألقاب والكذب والشتم لما لها من أثار سيئة بالمستقبل عندما يكبرون الأبناء ويستقلون بشخصياتهم وحياتهم الخاصة ربما يمارسون العادات المكتسبة فيما بينهم فيكون ذلك أحد أسباب التفرقة.
3_حث الإسلام على تعويد الأبناء على فضائل الأخلاق وصلات الرحم.
قال الشيخ الشنيقيطي :
إنك إن أصطحبت ابنك في صلة رحمك كأنك غبرت قدمه إلا كان لك أجره وإن حافظ ولدك من بعد موتك على صلة رحمه إلا أجرت كأجره .
وفي ذات السياق :
حدثتني صديقة قالت : والدتي رحمها الله كانت حريصة على غرس الأخلاق الحميدة بين أبنائها فكانت نصائحها تتضمن الحث على الترابط كالبنيان المرصوص بالرحمة والاحترام .
كذلك من نصائحها عدم التحدث عن أي خلافات فيما بيننا عند الناس بقول : لا تسمحوا لأحد إن يتدخل بينكم سواء أزواجكم أو أبنائكم لكي تبقى العلاقة متماسكة مدى العمر وينعم أبنائكم ومن بعدهم أحفادكم بصلات أرحام طيبة السيرة.
وفي سياق آخر : معرفتي بهذه الأسرة في الوقت الحالي بينهم تبادل الأنساب وعلاقة صلة الرحم حميمة للغاية .
صلة الرحم تتم بطرق متعددة :
1_تبادل الزيارات والهدايا
2_مشاركة الأفراح والأحزان.
3- إصلاح ذات البين عند وقوع مشاحنات.
4_عيادة المرضى منهم
5_حضور جنازتهم والعزاء.
أنواع صلات الرحم :
1_صلات رحم واجبة يثاب فاعلها ويأثم تاركها تتضمن الولدين والإخوة الأقرب فالأقرب، والأخوة من الأم والأخوة من الأب، وأبناء الأخ وأبناء الأخت والعمات والخالات.
2_صلات رحم مستحبة يؤجر فاعلها ولا يعاقب تاركها
أبناء الأعمام والعمات والخالات والأخوال.
والجدير بالذكر : إن من أعظم سبل الوفاء بحق صلة الرحم الدلالة على الطاعات بالنصح المبذول بالحكمة ولمواعظه الحسنة لذلك الحرص عند زيارة صلة الرحم أن تبلغ معلومة شرعية لقوله عليه الصلاة والسلام (إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلوا على معلم الناس الخير)
إن صلات الرحم حجر أساسي في إرساء العائلة وقوتها واتحادها ورفعتها عندما تبنى صلات الرحم على الأخلاق الحميدة والاحترام المتبادل وتحجب بحدود الشرع إذا وقع أذى لفظي أو معنوي.
متى يستحب وضع صلات الرحم الواجبة بين قوسين الواجب الديني؟
1_إذا كان الفرد المسلم يخشى على دينه وأمور دنياه.
2_إذا كان أفراد صلات الرحم يتصفون بمرض الفضول ومرض النفاق.
3_إذا كان أفراد صلات الرحم من الذين يرتكبون الفواحش والموبقات.
4_إذا كان أفراد صلات الرحم تعاملهم في إطار الكبرياء والاحتقار والإيحاءات غير اللائقة لا احترام ولا قيمة.
كما قال حكيم : إن تكون عزيزا غائبا خير من أن تكون حاضرا بلا قيمة.
وفي الختام : على الفرد المسلم أن يتحلى بمبادئ العرب وأخلاق الإسلام ولا يجعل دار الفناء غايته ولا يحمل نفسه أثم قطع الرحم عند إجبار أقاربه اختيار طريق قطع الرحم من سوء التعامل معهم والله خير الشاهدين.
نسأل الله يجعلنا من الواصلين على سيرة وسنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام خير من وصل الرحم وأحسن إليهم .
دمتم بخير