كان أبي شيخاَ كبيراً في السّن ولم يُـرزق بأولاد وبعد أن بلغ من الكبر عُتياَ رزقه الله ولداً وحيداً هو « أنا » وكان والدي دائماً ما يفكر ويخطط لمستقبلي و يحاور والدتي ويقولها أنا رجل كبير وأنتِ كذلك فمن يا ترى سيرعى إبننا بعد وفاتي ..!
حكي لي أبي أنه ذات يومٍ ممطرٍ سمع صوتَ رجلٍ ينادي ويصرخ بالخارج وكانت منازلنا مبنية من طين وعندما فتح أبي الباب
وجد جارنا يستغيث : « ساعدوني قد هدم المطر منزلي » فأخرج أبي صرةً نقود من تحت الفراش وتبرع للجار بالنصف ثم أرجع النصف الآخر ودسه تحت الوسادة وكان هذا الجار حينها يبصر ويتابع خلسةً المكان الذي وضع فيه أبي الصرة .
فوسوس له الشيطان وبدأ يفكر في طريقة لأخد المال من تحت الوسادة دون أن يشعر أبي ففكر في حيلة شيطانيةٍ ثم قرر أن يأخذني بعيداً عن المنزل و يتركني في أقصى المزرعة وحدي أصرخ كي يخرج أهل البيت لنجدتي فيخلو له الجو لتنفيذ خطته المقيتة .
فعلاً تملص واختطفني ثم تركني بعيداً والمطر ينزل بغزارة .
فلما سمعت أمي صراخي نادت أبي و أخبرته بالحادث فقام والدي إلى الباب وهو يتساءل :
كيف وصل إبننا إلى هناك وهو مازال صغيراً لا يستطيع التحرك من مكانه ؟
فقال لأمي : إذهبي وأحضريه وحدك فأنا لا أستطيع الخروج في هذا الجو الممطر .
فقالت له أمِّي : لا يازوجي العزيز أنا أشعر أنّ هناك شيئاً غريباً يَـحْدُث إن طفلنا لايقدر على المَشْي فكيف انتقل إلى هناك ؟
لا بد أن في الأمر سر وأصرَّت على أبي أن يُـرافقها، فلما خرجا وابتعدا عن البيت، دخل الجار إلى المنزل يريد قتل أبي و سرقة المال وتفاجأ حين حين لم يجد أحداً بالبيت و أن أبي رافق أمِّي إلى المزرعة للبحث عنِّي فلمَّا رجعْـنا وجدنَـا أن الأمطار الغزيرة قد حطمت البيت وتهدم عن آخره .
فقال أبي : الحمد لله على لُطْفِه وإحْسَانِه إن مَنْ أخرج طِفْلنا في هذا الجو يَعْلَمُ حَالَنا فَرَحِمَنا حتى لا نموت تحت الهدم وقَضَيْنَا تلك اللَّيلةَ عند أحد الأقارب فلما طلع النهار وأشرقت الشمس عاد أبي ليتفقد حطام البيت فإذا بالمفاجأة تُخْرِصُ الألْسُن لقد وجد جارنا تحت الأنقاض ممسكاً بِصُرّة المال .
فأدرك أبي سِـرَّ ما وقع وبقيت قصة الجار السارق تحكى في كل المجالس و في كل الأماكن و الأزمان.
فسبحان الله ربي العالمين ..!
اللهم يا مُدَبِّرَ الأمور دبِّـرْ لي أمري فإني لا أعرف التّدبير .
دمتم بخير .