وادي الرمّة ..؟

قياسي

وادي الرمّة 

إذا جرى وادي الرمة فلابد له من ضحايا، هكذا يعرف كبار السن وادي الرمة في منطقة القصيم من خلال أحاديثهم في المجالس العامة التي تسيطر هذه الأيام على جل تلك المجالس ويروى كثير من القصص والتي تصل إلى الخرافة في أحيان كثيرة. ورغم ذلك لا يخلو وادي الرمة من تسجيل ضحايا في جميع مسيرته التي حددها المؤرخون له وبمعدل يصل إلى جريانه ثلاث مرات في القرن الواحد أي كل 100 عام .

ومن خلال تتبع مسيرته التاريخية يعتقد بعض المؤرخين أنه جرى عام 1234هـ واستمر جريانه 40 يوما، وفي عام 1243هـ استمر جريانه 20 يوما، وفي عام 1355هـ جرى بشكل كبير وكون بحيرة كما يذكرها المؤرخ المستشرق لويبر مساحتها 200 ميل بقيت عامين ليعود الوادي بالجريان في عام 1365هـ أو في 1376هـ حيث جرى لمدة 22 يوما، وكان آخر جريان له عام 1402هـ حيث وصل إلى نفود الثويرات.

وهنا يقول أحد كبار السن عاصرت جريان الوادي ثلاث مرات كلها تصلنا أخبار عن أن الوادي التهم عدداً من القاطنين حوله، ونحن في البادية كنا نهرب عن وادي الرمة قبل دخول الشتاء. ويضيف كنا نسميه وادي الرمة (بكسر الراء وتشديدها) نسبة إلى ما يحمله من رمم الحيوانات النافقة التي كانت ترمى في الوادي وكذلك الإبل والأغنام التي كان يتلفها الوادي ويحملها معه.

ويرى بعض سكان الوادي أن بعض الحشرات تتعرف على جريان الوادي قبل حدوثه فمن خلال مشاهدات عامة يرى أن الجرذان تغير مواقعها في الوادي قبيل كل مسيرة وكذلك بعض أنواع النمل.

وقال إبراهيم الربدي رئيس المجلس البلدي في منطقة القصيم وهو مهتم بالجانب الجغرافي والتراثي إن وادي الرمة في كل مرة يجري فيها وبحسب المتواتر لنا أنه له ضحايا وبين “للأسف أن هناك تاريخاً محزناً لبعض الأسر مع وادي الرمة نتيجة فقد قريب أو صديق ومن خلال الأخبار التي تصلنا هذه الأيام حول غرق مجموعة من الأهالي في هذا الوادي قد يصل العدد إلى عشرة أشخاص في مواقع مختلفة وهو أمر محزن رغم فرح الناس بتحرك وادي الرمة وعودة الحياة له.

ويضيف الربدي أنه في كل جريان له يجذب إليه المتفرجين ولكننا شاهدنا أعداداً كبيرة خلال هذا العام تتوافد حتى من مناطق مختلفة لمشاهدة جريان الوادي وتحوله إلى نهر وكذلك تواجد عدد من الباحثين الجغرافيين.

ويرى الربدي أنه لابد من الاستفادة من كميات المياه الكبيرة التي تتحرك عبره بوضع عديد من السدود أو اتباع طرق تخزين مختلفة عن الطرق العادية وذلك بوضع خزانات للمياه جوفية والاستفادة منها في الزراعة والري. تضاريس وادي الرمة يعد وادي الرمة الشهير من أهم الوديان في الجزيرة العربية حيث يمتد من سفوح المدينة المنورة والحرات القريبة منها مارا بعديد من الأماكن والمعالم الجغرافية والتضاريس المتنوعة من جبال وسهول، فيبدأ من الحرات الوعرة فيسيل ويتجه شرقا فيتغذى من روافد كثيرة منها وادي الرقب على حدود الحرة الذي يتجه شرقا ثم إلى الشمال الشرقي حتى يلتقي وادي الرمة عند قرية الثمامية حتى يأخذ مسلكه تجاه نجد فيتغذى من وادي الجفن الذي يتغذى من جبال الشمط وغيرها متجها نحو الشمال الشرقي مستقبلا عديداً من الروافد. يلتقي وادي الرمة جنوب شرقي عقلة الصقور حيث نشاهد عديداً من الجبال البارزة هناك كجبل قطن وطمية، كذلك من روافده وادي الجرير الذي يتجه إليه شمالا محاذيا نفود العريق فيتصل به عديد من الروافد من أهمها : وادي ساحوق، ووادي طلال، والبحرة، المياه إلى التقائه وادي الرمة حيث يمر بعد ذلك بكل من عطا وعطي وبعده وادي الداث الذي يلتقي وادي الرمة عند قرية القيصومة حيث تطل عليه جبال أبانات الأحمر والأسمر، وبعده وادي النساء الذي ينحدر من جبل خزاز وغراب ودرعان غربي دخنة حتى يصب في وادي الرمة عند مزارع البدائع، ووادي الرشا. ويشير القهيدان إلى أنه الآن ينتهي عند نفود الشقيقة لكنه في الأيام المطيرة كان أحد روافد وادي الرمة وهذه أهم الروافد الجنوبية البارزة .

ومن حيث الروافد الشمالية لوادي الرمة فهناك وادي القهد الذي ينحدر من جنوب جبال أجا ووادي الشعبة الكبير الذي ينحدر من جبال أجا وسلمى ورمان حيث يلتقي وادي الرمة إلى الشرق من سمراء الحاجز ثم وادي المحلاني الذي ينحدر من جبال حبشي وغيرها حيث يصب في الرمة قريبا من عقلة الصقور، ووادي أبو نخلة المنحدر من الرحى و الإصبعة فيلتقي وادي الرمة غربي مدينة الرس.

وعندما تجتمع جميع هذه الروافد وتلتقي وادي الرمة تذهب معالم هذا الوادي الكبير تحت نفود الثويرات في شرق القصيم وبعد التيسية شرقا يظهر وادي الأجردي الذي يعد جزءا من وادي الرمة لم تغطه الرمال باتجاه الشمال الشرقي حيث يختفي في نفود الدهناء وبعد الدهناء يظهر وادي الباطن باتجاه الشمال الشرقي مرورا بمدينة حفر الباطن ثم الرقعي على الحدود السعودية مع الكويت والعراق ويستمر محاذيا حدود الكويت مع العراق إلى أن يصب في شط العرب في البصرة.

التحرك الأخير تحرك وادي الرمة خلال الأيام السبعة الماضية جاء بعد توقف دام 28 عاما ولا يعد بعض متتبعي الوادي الشهير جريانه ما بين تلك التواريخ مهماً نظرا لقلة كمية المياه التي تعبر بعض المواقع كما حدث في عام 1406هـ .

ويعد جريان الوادي هذا العام كبيراً بعد هطول أمطار كبيرة على عفيف ومنطقة المدينة المنورة والتي تعد أهم رافدين لوادي الرمة إضافة إلى الأودية الصغيرة التي تصب في الوادي في منطقة القصيم.

دمتم بخير .