زكاة الفطر : أحكامها و مقاصدها ..؟

قياسي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه الطاهرين وبعد :

فهذه مقالة عن أحكام زكاة الفطر ومقاصدها :

أولاً : أحكام متعلقة بزكاة الفطر :

1- معناها :

هي الزكاة التي تجب على المسلم بسبب الفطر من رمضان فرضت في السنة الثانية من الهجرة في السنة التي فرض فيها صيام رمضان وتسمى أيضاً: زكاة الرؤوس وزكاة الأبدان وزكاة الرقاب لأنها تعد ضريبة على الأشخاص لا على الأموال.

2- حكمها:

زكاة الفطر واجبة على كل فرد من المسلمين – صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى – يملك صاعاً من الحبوب أو الطعام فاضلاً عن قوته وقوت من تلزمه نفقته ليلة العيد ويومه.

ودليل وجوبها حديث ابن عمر رضي الله عنهما: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد، والحر، والذكر، والأنثى، والصغير، والكبير من المسلمين”. [2]

ويلزم المسلم أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعن كل من تلزمه نفقته مثل: الزوجة والأولاد والوالدين إن كانا فقيرين.

ويستحب إخراجها عن الجنين لفعل عثمان بن عفان رضي الله عنه.

3- مقدار الواجب:

يجب على الفرد صاع من طعام مما يدخر ويقتات، والصاع أربع أمداد، والمد حفنة بكفي الرجل المعتدل، والأفضل الإخراج من غالب قوت البلد. وأما مقدار الصاع وزنا فهو يختلف باختلاف الأصناف فهو تقريباً يتراوح ما بين [2200 جرام إلى 2750 جرام].

4- متى تجب:

يرى الإمام أحمد، أن وقت وجوبها، غروب الشمس، ليلة الفطر، لأنه وقت الفطر من رمضان. [3]

وقال الإمام أبو حنيفة: إن وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد.

وفائدة هذا الاختلاف، في المولود يولد قبل الفجر، من يوم العيد، وبعد مغيب الشمس، هل تجب عليه أم لا تجب؟ فعلى القول الأول لا تجب، لأنه ولد بعد وقت الوجوب، وعلى الثاني: تجب، لأنه ولد قبل وقت الوجوب.

5- متى يخرجها:

جمهور الفقهاء على أنه يجوز تعجيل صدقة الفطر قبل العيد بيوم، أو بيومين. قال ابن عمر رضي الله عنهما: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر، أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. قال نافع: وكان ابن عمر يؤديها، قبل ذلك، باليوم، أو اليومين.

واختلفوا فيما زاد على ذلك على النحو التالي:

فقال أبو حنيفة: يجوز تقديمها على شهر رمضان. وقال الشافعي: يجوز التقديم من أول الشهر.

وقال مالك ومشهور مذهب أحمد: يجوز تقديمها يوماً أو يومين.

واتفق العلماء على أنه لا يجوز تأخيرها عن يوم العيد، وأن من أخرها أثم ووجب عليه قضاؤها ولو في آخر العمر. [4]

6- لمن تعطى:

مصارف زكاة الفطر هي مصارف الزكاة نفسها، ولكن الأولى بها هم الفقراء، لحديث: ” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، طهرة للصائم، من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين. ” وأجاز أبو حنيفة أن تعطى لفقراء أهل الذمة إذا استغنى المسلمون.

7- من لا تصرف لهم:

لا يجوز دفع زكاة الفطر للأصناف الآتية: الكافر المعادي للمسلمين، الغني، القادر على الكسب، من تجب على الشخص نفقتهم.

8- أين يخرجها:

الأصل أن تخرج الزكاة في البلد الذي وجبت فيه على المزكي، إلا أن يكون البلد الذي وجبت فيه ليس به فقراء فيجوز إخراجها في بلد آخر قريب، ومن كان يقيم في بلد، وعائلته تقيم في بلد آخر، فإنه يخرج عن نفسه في البلد الذي يقيم فيه هو، ويخرج عن عائلته في البلد الذي يقيمون فيه.

فالجمهور على أنه لا يجوز نقل الزكاة من البلد الذي وجبت فيه إلى غيره إلا إذا استغنى أهل هذا البلد ولا يوجد فيه فقراء.

وقال الأحناف: يكره نقل الزكاة إلى غير البلد الذي وجبت فيه، إلا أن ينقلها إلى قرابة محتاجين لما في ذلك من صلة الرحم، أو جماعة هم أمس حاجة من أهل بلده، أو كان نقلها أصلح للمسلمين. [5]

9- حكم إخراج القيمة (النقود):

اختلف العلماء في حكم إخراج القيمة في زكاة الفطر على قولين: [6]

القول الأول: لا يجوز إخراج القيمة بدل الطعام، وهو مذهب الأئمة: مالك والشافعي وأحمد.

وحجتهم حديث ابن عمر رضي الله عنهما: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد، والحر، والذكر، والأنثى، والصغير، والكبير من المسلمين. ” وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب».

قالوا: زكاة الفطر عبادة يجب التقيد فيها بالنص. ومن أخرج القيمة فقد خالف النص.

القول الثاني: يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر، وهو قول الإمام أبي حنيفة وبعض السلف منهم عمر بن عبد العزيز والثوري.

واستدل بالأثر والنظر، أما الأثر فمنه ما رواه البخاري معلقا عن معاذ رضي الله عنه أنه أخذ في الزكاة الثياب مكان الحبوب. فهذا دليل على جواز إخراج القيمة. وبما صح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه كان يخرج نصف صاع من قمح مكان صاع من الشعير وغيره، وروى البخاري أَنَّ عَبْدَ اللهِ بن عمر قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، قَالَ عَبْدُ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ. ” قالوا: وهذا أخذ بالقيمة، والناس هنا هم الصحابة.

أما استدلاله بالنظر فقد قال: إن المقصد من زكاة الفطر هو إغناء الفقير وذلك يتحقق بالإطعام وبإعطاء القيمة.

هذا، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية جواز إخراج القيمة إذا كان في ذلك مصلحة للفقير، فقد قال في مجموع الفتاوى: “وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز، وأحمد ـ رحمه الله ـ قد منع القيمة في مواضع، وجوزها في مواضع، فمن أصحابه من أقر النص، ومنهم من جعلها على روايتين. والأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه… إلى أن قال رحمه الله: “وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به”.

دمتم بخير .