يسعى الإنسان في حياته وسعيه مرهونٌ بالنجاح أو الفشل، فإن أصاب شكر وإن لم يحالفه التوفيق والنجاح لم يُظهر إلا الجحود والنكران، هذا في قاموس بعض البشر، أما في قاموس المولى جل في علاه { أنّي لا أضيعُ عملَ عاملٍ منكم }..
وكذلك قوله تعالى:{يا أيُّها الإِنسانُ إِنّك كَادِحٌ إِلَى ربّك كدْحًا فمُلاقِيه}
إنّ عطاء الله غير محدود، يعطي النعم ويزيد فيها لبعض عباده اما اختبارًا وابتلاء، وإمّا تكريمًا ورحمة.
{كلّا نُّمِدُّ هؤُلَاءِ وَهؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا}
غير أنّ الله خصّ الذين يسعون في الأرض بحثًا عن رزق أو علم أو عمل بوعدٍ حتميّ.. أنهم سيجدون نتيجة كدحهم وتعبهم وسعيهم.. وأنّ هذا الجهد وهذا السعي لن يضيع أبدًا..
لذلك لا بدّ من اقتران العمل والسعي والكدح بالتوكّل على الله..
عن أي توكّل نتحدث هنا؟
عن أي توكّل نتحدث هنا؟
التوكّل الذي يحمل يقينًا خالصًا وكاملًا بالله وعوضه سبحانه الذي لا تخفى عليه خافية، والذي يعرف خائنة الأعين وما تخفي الصدور..
هو التسليم والإستسلام لله تسليمًا واستسلامًا لا يحتملان الشك حتى وإن طال بهم الحال.
ليس بالضرورة أن يأتيك عوضًا محسوسًا بل في منعه عنك هو عطاء عظيم.
سيلقى المؤمنون أجرهم ولو بعد حين، وسيلقى الصالحون نتيجة تعبهم وكدحهم حين يأذن لهم الله بذلك…
وسيفرح المتوكّلون بفضل الله ونعمه..
هذه المرتبة من الإيمان والتوكل تحتاج الى تهذيب النفس وتزكيتها بعيدًا من وسوسات الشيطان ومكائده كي لا ييأس عند أوّل فشل أو يجحد عند أوّل عقبة فيُنكر فضل ربّه عليه وقد خلقه في أحسن تقويم!
لذا حريٌّ بكلٍّ منّا أن يردد دومًا:
{اللّهمّ إنّي أسألك أحسن الظّنِّ بك وأصدق التّوكّلِ عليك}
عطاء الله يأتي بأشكال كثيرة.
لربّما المنع يكون أكبر عطاء ولا نعلم حكمة الله في ذلك إلا بعد حين.
قد يكون على سبيل المثال لا الحصر دفع بلاءٍ مثلًا أو ذرّية صالحة وأولاد بارّين،أو شريك مؤنس أو أصدقاء أوفياء وغير ذلك..
والتسليم في الحاليْنِ رضًا وشكرًا وحمدًا لعمري هو أكبر عطاء.
دمتم بخير .