بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ سورة ص، وقال الله تعالى:﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ سورة الإسراء. داوود عليه الصلاة والسلام هو من الأنبياء والرسل الكرام، وقد ءاتاه الله تعالى النبوة والمُلك وجعله رسولًا إلى بني إسرائيل، وهو مسلم كسائر الأنبياء .
هو داوود بن ايشا بن عويد بن عابر، إلى أن ينتهي النسب إلى يهوذا بن بعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. وقد جمع الله تبارك وتعالى له بين النبوة والمُلك وأنزل عليه الزبور.
” يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق “
أنعم الله على داود عليه السلام بالنعم الوفيرة والأفضال الكثيرة ، أنعم عليه بالنبوة والحكمة والملك ، وكان يفهم لغة الطير ، وكان يدرك أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون وأن العبرة ليست بكثرة السلاح ولا ضخامة الجسم والمظهر الباطل .
وفي يوم تقدم داود عليه السلام يطلب من الملك طالوت ملك بني إسرائيل فى ذلك الوقت الخروج لمبارزة جالوت ، وكان مبارزا لا يهزمه أحد ، ولم يكن داود جنديا إنما كان راعي غنم صغيراً ، ولم تكن له خبرة في القتال أو الحرب ولم يكن عنده سيف ، كل سلاحه كان قطع الطوب التي يهش بها علي غنمه ، وبرغم هذا كان داود عليه السلام يعرف أن الله هو مصدر القوة الحقيقية ، كان داود عليه السلام يريد أن يقتل جالوت لأنه رجل جبار وظالم وعدو ولا يؤمن بالله ، وتقدم داود عليه السلام بعصاه وخمسة أحجار وقلاعة ، سخر جالوت من داود عليه السلام وأهانه وضحك منه ومن فقره وضعفه ، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر ، فأصابه فى رأسه فسقط جالوت علي الأرض فقتله « فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء .
بعد أن قتل داود جالوت قفز إلي قمة الشهرة في قومه فجأة. وصار أشهر رجل في بني إسرائيل وصار قائدا للجيش ، كان داود عليه السلام قد أوتي صوتاً خارقاً في جماله وكان يسبح الله ويحمده بصوته العذب المعجزة ، ولهذا اختفى بعد أن هزم جالوت وذهب إلى الجبل والصحراء « وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطيرû فاستجابت عصارة النباتات وهي تصعد في سيقان الشجر لصوت ترنيمه ، واتصلت ذرات الجبال بذبذبات صوته وهو يسبح ، وذابت الحدود بين ضمير المخلوق والطير والوحش وصخور الجبال فاتسقت كلها فى نغم واحد يتجه إلي الله بالتسبيح والذكر.« إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعش والإشراق .
كان داود عليه السلام يصوم يوماً ويفطر يوماً ، وهذا صيام الدهر ، فلم يكن صدق داود هو المسئول عن تسبيح الجبال معه أو الطير ، لم تكن عذوبة صوته هي المسئولة عن تسبيح بقية المخلوقات معه ، إنما كان هذا معجزة من الله له كنبى عظيم الإيمان ، صادق الحب لله ، ولم تكن هذه كل معجزاته ، إنما أعطاه الله قدرة على فهم لغة الطيور والحيوانات ، فكان يتأمل يوما فسمع عصفورا يخاطب عصفورا آخر ، فأكتشف أنه يفهم لغة العصافير ، قذف الله في قلبه نوراً ففهم لغة الطيور والحيوانات ، ومع لغة الطيور علم الله داود عليه السلام الحكمة وكان إذا علمه الله شيئاً أو أعطاه معجزة زاد في حبه لله وزاد من شكره لله.
عندما يحب الله نبياً من أنبيائه أو عبداً من عباده ، يجعل الناس يحبونه ويضع له القبول في الأرض ، وأحب الناس داود عليه السلام مثلما أحبته الطيور والجبال والحيوانات ، كانت الحروب كثيرة في زمن داود عليه السلام ، وكانت الدروع الحديدية التي يصنعها صناع الدروع ثقيلة ولا تجعل المحارب يستطيع أن يتحرك كما يشاء فأكتشف داود عليه السلام أنه يستطيع تشكيل الحديد وتقطيعه « ولقد أتينا داود منا فضلا ياجبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد .
قال الحسن البصري ، كان الله قد ألان له الحديد حتى كان يفتله بيده لا يحتاج إلي نار ولا مطرقة . وقد ثبت في الصحيحيين أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال”أحب الصلاة إلي الله صلاة داود ، وأحب الصيام إلي الله صيام داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وكان يصوم يوما ويفطر يوما “
وسيدنا داود عليه السلام جعله الله خليفة له في الأرض كي يكافح الظلم ولكي يحكم بين الناس بالحق وهو صاحب الزبور « وآتينا داود زبورا û وهو كتاب مقدس .
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم “أفضل الصيام صيام داود ، كان يصوم يوما ويفطر يوماً ، كان يقرأ الزبور بسبعين صوتا وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شىء ويشفي بصوته المهموم والمحموم “
وتوفى داود عليه السلام فجأة ، قال إسحاق بن بشر: إن الناس حضروا جنازة داود عليه السلام فجلسوا في الشمس في يوم صائف ، قال وكان قد يشيع جنازته يومئذ أربعون ألف راهب عليهم البرانس سوي غيرهم من الناس ، ولم يمت في بني إسرائيل بعد موسي وهارون أحد كانت بنو إسرائيل أشد جزعا عليه منهم علي داود عليه السلام ، وقال فإذا هم الحر فنادوا سليمان عليه السلام أن يعمل لهم وقايه لما أصابهم من الحر فخرج سليمان ينادى الطير فأجابت فأمرها أن تظل الناس. فتراص بعضها إلي بعض من كل وجه ، حتي استمسكت الريح فكاد الناس أن يهلكوا ، فصاحوا إلي سليمان عليه السلام من الغم .
دمتم بخير .