النبي عليه الصلاة والسلام قال:
(( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ))
استوصوا بالنساء خيراً. وقال: وكان إذا دخل بيته بسّاماً ضحّاكاً، وكان يسمي النساء: المؤنسات الغاليات، هذه سنة النبي.
المودة والرحمة سرّ السعادة الزوجية :
أيها الأخوة الكرام؛ الإنسان قد يعاني في الحياة العملية من مشاق كثيرة، الحياة كلها متاعب، لكن الذي يسليه وينسيه متاعبه أنه إذا أتى إلى بيته يجد السكينة، والود، والرحمة، والتعاون، والمشاركة الوجدانية. السعداء والعقلاء والمؤمنون الصادقون بيوتهم جنة، ولو أنها متواضعة، ولو أنها صغيرة، ولو أن الدخل يسير، ولو أن الطعام خشن. هذه المودة والرحمة التي وصفها الله عزّ وجل بين الزوجين هي سر السعادة الزوجية. المودة سلوك، سلوك أساسه الحب، أما الرحمة فشعور أساسه العطف.
الإنسان أحياناً يتزوج بامرأة فجأة تصاب بمرض، أو تتزوج رجلاً ملء السمع والبصر فجأة يفتقر، فإن لم تكن هناك مصلحة مادية بين الزوجين ينبغي أن تكون الرحمة بينهما. كيف قال الله عزّ وجل:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾
يأمر.. لم يقل يأمر بالعدل وأحسنوا.. لا.. قال:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾
أي أنت مأمور بالإحسان كما أنك مأمور بالعدل تماماً.
لذلك الإنسان عندما يسعى لخلق المودة بينه وبين زوجته هذا المسعى يرضي الله عزّ وجل.
الطرف الآخر الشيطان همه الوحيد التفريق بين الزوجين، دائماً الشيطان يزين المرأة الغريبة الأجنبية فيعينه ويبغضه بزوجته، فإذا كنت رحماني الطبع، رحمانياً موصولاً بالله عزّ وجل تقيم المودة والرحمة بينك وبين زوجتك، ولا تعبأ بكلام الشيطان، الشيطان يوسوس، همه الوحيد أن يوازن بين زوجتك وبين امرأة أخرى من أجل أن تكرهها، والموازنة سهلة، كل امرأة أعطاها الله شيئاً تمتاز به، فإذا أطلق بصره في الحرام أخذ من كل امرأة شيئاً تمتاز به، وجمع هذا الأشياء كلها في شخص وهمي، ووازنه مع زوجته، فإذا هي لا شي. البغضاء والكراهية والخصومة والمشاحنة دائماً بين الزوجين المقصرين، أنا أتمنى على الله عزّ وجل أن يكون بيت كل منا جنة، لا أقصد مساحة البيت، لا أقصد جمال البيت، لا أقصد أثاث البيت، لا أقصد نوع الطعام، أبداً، أقصد هذا الشعور بين الزوجين الذي وصفه الله عزّ وجل بأنه شعور المودة، شعور الحب الذي تنتج عنه المحبة، فالإنسان يصنع بيده سعادته، مثلاً يدخل فلا يسلم، يحاسب أشد الحساب ولا يراعي الميزات، هناك ميزات، هناك إنجازات، هناك جهد مبذول كبير، يتعامى عن كل الإيجابيات. النبي عليه الصلاة والسلام مرة دعا فقال: ” اللهم إني أعوذ بك من جار سوء إن رأى خيراً كتمه، وإن رأى شراً أذاعه، اللهم إني أعوذ بك من إمام سوء إن أحسنت لم يقبل، وإن أسأت لم يغفر”.
أيعقل أن يكون الزوج كجار السوء وكإمام السوء إن رأى خيراً كتمه، وإن رأى شراً أذاعه، إن أحسنت إليه لم يقبل، وإن أساءت لم يغفر، هذه النماذج موجودة، أنا لا أتكلم من فراغ، أتكلم من قصص واقعية، يشقي نفسه بيده لأنه يبتعد عن منهج الله عزّ وجل، لذلك كل مشكلة بالزواج إن لم يحكمها العدل يمكن أن يحكمها الإحسان.
دمتم بخير .