بسم الله الرحمن الرحيم
ما إن انتهيت من إلقاء محاضرة بعنوان: «كيف تربي أبناءك في هذا الزمان؟» حتى انهال علي رجل مهيب في السبعينيات.. أخذ يحاول تقبيل يدي وهو يبكي ويقول: ليتني سمعت هذا قبل خمسين عاماً.. ليتني قرأت مثل هذا الكتاب.. فقد ضيعت أبنائي ذلك الحين!.. نعم.. ضيعـت أبنائي كلهم.. أريد أن يقرأ هذا الكتاب كل من حولي كي لا يقعوا في الخطأ الذي وقعت فيه .
قلت : لا تثريب عليك.. الله يغفر لـك.. ولا تيئس من الدعاء لهم.. لعلهم يرشدون..
– روي عن معروف الكرخي: أنـه كان يدعو لابنه علي قائلاً: «اللهم إني اجتهدتُ أن أؤدب علياً.. فلم أقدر على تأديبه.. فأدبه أنت لي».. واستجاب الله له حتى أصبح ابنه عابداً ورعاً تقياً. ..
ـ فكلما وجدت أبناءك يفرحون ويلعبون.. ادع لهم ـ وبصوت يسـمعونه جيداً ـ بهذا الدعاء: «اللهم إني أسألك ان تفرحهم في الجنة.. كما فرحتهم في الدنيا» . ..
وافعل الشيء ذاته مع أبناء المسلمين كافة في الشارع.. تجدها في ذريتك..
ـ يقول أحدهم : كانت أمي تدعو لي حين تأمرني بالصلاة
وتقول : قم للصلاة ربي يكرمك .
قم للصلاة ربي ” لا يحرمك حلاوتها .
قم للصلاة.. ربنا يوفقك .
فأحببت الصلاة.. وكنت أنتظر الصلوات لأسمع دعوات أمي..
كانت أمي تدعو لي بعد كل صلاة بصوت مسموع :
«اللهم اجعل ابني من أهل الصلاة.. المستمتعين بها..
اللهم اجعل قرة عين ابني في الصلاة»..
فكبرت وهي ما زالت تدعو لي..
وجدت نفسي أحب الصلاة..
وأشـعر أن أجمل لحظات حياتي.. هي : تلـك التي أقفها بين يدي ربي..
اذهبوا بأولادكم إلى المسـاجد.. حتى إذا تاهوا.. وغلبتهم الدنيا أو بعض الفتن.. أخذتهم الفطرة إلى هناك..
فإذا أردت أن يكون ابنك «رجلاً..» فأدخله بيت الرجال.. فالله تعالى يقول: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)﴾ [النور: 36]..
تذكر في كل يوم هذا الدعاء:
اللهم إني أدعوك أن تمنن علي بصلاح أحوال ذريتي..
رب لي صغيرهم.. واشف لي مريضهم..
واجعلهم غير عاصين ولا خطائين..
اللهم أعني على تربيتهم وبرهم..
واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم..
اللهم إني استودعتك ذريتي.. يا من لا تضيع عنده الودائع..
واجعلهم من سعداء الدارين..
من كتاب “هناك يحلو اللقاء “
للدكتور حسان شمسي
دمتم بخير .